سوق العمل السعودي 

 تحول نحو المهارات في عصر الاقتصاد المعرفي  يقول عز وجل في سورة القصص -الآية 26-(قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ  إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ). تبرز هذه الآية أهمية اختيار الشخص بناء على الكفاءة والمهارة (القوة) والأمانة في أداء العمل، مما يعكس مفهوم الاعتماد على الكفاءات والمهارات بعد الله لتحقيق النجاح والفعالية في سوق العمل .. ويشهد سوق العمل السعودي تحولاً جذريًا نحو الاعتماد على المهارات بدلاً من التركيز التقليدي على المؤهلات الأكاديمية وحدها. هذا التحول يعكس استجابة المملكة للتغيرات العالمية السريعة واحتياجات سوق العمل المتجددة، مما يتماشى مع رؤية السعودية 2030 التي تهدف إلى بناء اقتصاد معرفي مستدام قائم على الكفاءات والابتكار.  التحول نحو سوق عمل قائم على المهارات  في ظل التطور التكنولوجي المتسارع وزيادة الاعتماد على الحلول الرقمية، أصبحت المهارات التقنية والشخصية هي العملة الجديدة في سوق العمل. الشركات لم تعد تركز فقط على الشهادات الجامعية، بل تبحث عن مواهب يمكنها حل المشكلات، والتكيف مع التغيرات، وإضافة قيمة فورية للأعمال.  ويأتي هذا التوجه مدفوعًا بعدة عوامل، منها: 1.التغير في طبيعة الوظائف: مع ظهور تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، تطلبت الكثير من الوظائف مهارات جديدة لم تكن مطلوبة في السابق. 2.أهمية الإنتاجية والكفاءة: الشركات تسعى للتركيز على الإنتاجية التي تعتمد بشكل كبير على المهارات العملية. 3.العالمية والتنافسية: في سوق عمل عالمي متزايد التنافسية، تعتمد المملكة على مهارات تناسب المعايير الدولية.  أنواع المهارات المطلوبة في سوق العمل السعودي  سوق العمل اليوم يركز على مهارات تقنية (Technical Skills) ومهارات شخصية (Soft Skills)، وتشمل أهمها:   1. المهارات التقنية: البرمجة وتطوير التطبيقات. تحليل البيانات وإدارة قواعد البيانات. الأمن السيبراني والشبكات. إدارة المشاريع باستخدام منهجيات مثل Agile وScrum. التصميم الجرافيكي وإنتاج المحتوى الرقمي.  2. المهارات الشخصية: التفكير النقدي وحل المشكلات. القيادة وإدارة الفرق. التواصل الفعال (شفهيًا وكتابيًا). التكيف مع التغيرات والمرونة. إدارة الوقت وتنظيم العمل.  جهود المملكة لتعزيز ثقافة المهارات  تلعب الحكومة السعودية دورًا محوريًا في تسهيل هذا التحول نحو سوق عمل قائم على المهارات، وذلك من خلال العديد من المبادرات والبرامج: 1.برنامج “تنمية القدرات البشرية”: جزء من رؤية 2030، يهدف إلى تطوير مهارات الشباب السعودي لتلبية متطلبات سوق العمل المستقبلية. 2.منصات التعلم الرقمي: مثل منصة “درّوب”، التي تقدم دورات تدريبية متنوعة في مجالات تقنية وشخصية لدعم الشباب وتنمية مهاراتهم. 3.الشراكات مع القطاع الخاص: يتم العمل مع الشركات الكبرى لتحديد المهارات المطلوبة وتطوير برامج تدريب مهنية مناسبة. 4.تشجيع ريادة الأعمال: من خلال دعم الشباب بمهارات الابتكار والتخطيط لإطلاق مشاريع ريادية تُعزز من الاقتصاد المحلي.  فوائد التحول إلى سوق مهاراتي زيادة الإنتاجية: الموظفون المهاريون أكثر قدرة على تحقيق نتائج ملموسة وبجودة عالية. تقليل فجوة المهارات: تلبية احتياجات السوق بشكل دقيق من خلال تطوير برامج تدريب مستهدفة. تعزيز التنافسية: تأهيل القوى العاملة السعودية للمنافسة عالميًا. تحقيق التنمية المستدامة: من خلال التركيز على الابتكار والمهارات الإبداعية.  التحديات وكيفية التغلب عليها  مع هذا التحول، يواجه سوق العمل بعض التحديات، منها: فجوة المهارات: قد تكون هناك فجوة بين المهارات التي يكتسبها الشباب في التعليم التقليدي وما يتطلبه السوق. التغير السريع: التغير في التكنولوجيا يجعل المهارات المطلوبة متجددة باستمرار. الوعي: الحاجة إلى زيادة الوعي بأهمية المهارات مقارنة بالمؤهلات الأكاديمية.  وللتغلب على هذه التحديات، يتم التركيز على: تعزيز ثقافة التعلم مدى الحياة. توفير برامج تدريبية مرنة وقابلة للتطوير. توجيه الطلاب منذ مراحل مبكرة نحو المهارات المطلوبة.  الخلاصة  سوق العمل السعودي في طريقه ليصبح سوقًا قائمًا على المهارات، مما يعكس توجهًا استراتيجيًا لبناء اقتصاد قوي ومتنوع. مع استمرار الجهود الحكومية والخاصة لتطوير المواهب، سيصبح الشباب السعودي مجهزًا بشكل أفضل لمواجهة تحديات المستقبل، مما يضمن تحقيق تطلعات المملكة الاقتصادية والاجتماعية.  التحول نحو سوق عمل مهاري ليس مجرد حاجة اقتصادية، بل هو خطوة نحو تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز مكانة السعودية كدولة قائدة في الاقتصاد العالمي.   كتبه / سلطان بن عبدالعزيز بن إبراهيم الصنيع 12 / 07 / 1446 هـ